هستيريا
ها هو أمام ناظري يتجسد مجددا مشهد النهاية، تمر بطيئة أليمة تفاصيل الطعن الأخير، بتارخ آخر ووقائع مختلفة، كأنه تكرار سقيم لأحداث الأمس البعيد، إنه مصاب عظيم، بكل قسوة يحول الدماء إلى حمم مستعرة تحرق الأوردة وتهتك الشرايين، أسقط أرضا، أغمض قلبي، أحدث نفسي "عله كابوس لعين"، أنزف حزنا، أعتصر ألما، تخوض الذاكرة في ليلي العتيم معارك الشك الأليم، تقر آسفة بهزيمتها أمام اليقين المرير...
ها هي قد قاربت على النهاية طقوس النحيب، أنفض غبار الحزن وأرتدي أسمال الحياة في انتظار يوما آخر عقيم..
في الصباح تأتي جارتي كعادتها لنحتسي القهوة معا وكعادتها تسألني بابتسامتها الماكرة:
"لقد رأيت أنوار بيتك تنطفيء باكرا، فهل من جديد"
أضحك بصوت عال وأقول:
"ذلك الشقي، قد أخطأ مرة أخرى ولم يحذف من هاتفه حديث عشيقته الطويل"
تلقي سؤالها بفاه مفغورة وعينان مفجوعتان:
"مرة أخرى تضحكين!"
أرتشف ثمالة قهوتي وأقضم قطعة البسكويت ألوكها ببطء ثم آخذ نفسا عميقا وأقول:
"وما عساه يفعل من سددت له الحياة طعنا بعدد النجوم، حتى نزف كل الشعور "
لا أعلم لماذا كلما سردت عليها قصة مؤلمة تنتابني نوبة ضحك، هل حقا كما قالت أنه قادني إلى الجنون.
_________________✒️
