@muntikilani
منتهى
Posts
1695
Last update
2019-03-24 18:22:23

    َ علّمتنا أمي منذ الصغر، أن نحترمَ خصوصيات المنازل التي نزورها وحُرُمات أهلها.. فلا نُحرك قطعة أثاث، ولا ننتقد أماكن اللوحات ولا ندخل غرف النوم ولا نفتش في الأدراج عن أسرار صغيرة مخبأة.. لا نسأل لِمَ الأدوية الكثيرة على المنضدة الصغيرة بقرب السرير.. أو أسباب الشجارات التي تسابقت صرخاتها لأطراف الحي.. لا نشمئزُ من أكلةٍ يقدمونها أو نشتكي قلةَ الملح أو كثرة السكر في الحلوى.. أمي التي كانت تقرصُ آذاننا إن ضحكنا على البنطال القصير جداً الذي كان يرتديه جارنا غريب الأطوار مرفوع الرأس حتى السماء أثناء ريّ حديقته.. التي كانت تردد دائماً أن للغير دائرة تحيطه هي مساحة من الحرية لا يجب أن يشاركها غيره أو يطأ عليها إلا بإذنه ولا يحق لنا السخرية منها مهما بلغت غرابتها.. كبرتُ وأدركت أن قواعد أمي لا تصمد في هذا العالم، وأن ليست كل الأمهات لها هذه الصرامة في فرض الآداب، وأن أمي لم يكن لديها الوقت الكافي لتعلم باقي أفراد الحي الذي علّمتنا أياه، ولا المدينة.. ولا البلد.. ولا العالم.. فأنا مثلاً في مزاجٍ معين سأقرأ ما يرضي الحالة التي أمر بها، أسمع الموسيقى المناسبة أو أشاهد فيلما له نفس الأجواء، لا أتذمر من فيلم درامي حزين لأن مزاجي جيد ويشتهي الضحك.. أشاهد فقط فيلماً كوميدياً!.. بساطة الاختيار فقط! وحين أقرأ لكاتبٍ سياسي، لا انهر قلة كتاباته العاطفية، ولا أفرض عليه “ التنويع” فيما يكتب فهذه سذاجة.. بالمقابل سأقرأ لكاتبِ نصوصٍ عاطفية.. ! منطق..! لذا نحن حين نُقدم على الدخول لمدونات أشخاص علينا حقاً احترام التوجه الذي يختاره لكتاباته، لأن هناك أسباباً تدفعه لما يكتب أو أحاسيس معينة.. أنت كضيف، لك حق المتابعة من عدمها.. الاعجاب من عدمه.. وأُعيد عليك الذي علمتني إياه أمي؛ من غير اللائق أن ادخل بيتك لأقترح عليك تغيير غرفة الجلوس مثلاً، لأني لا أحب اللون الأصفر.

    * ايريس