@aboahmed-hadi
Life is beautiful
Posts
593
Last update
2023-01-05 14:25:10

    { وَلَقَدۡ أَرۡسَلۡنَاۤ إِلَىٰ ثَمُودَ أَخَاهُمۡ صَـٰلِحًا أَنِ ٱعۡبُدُوا۟ ٱللَّهَ فَإِذَا هُمۡ فَرِیقَانِ یَخۡتَصِمُونَ }

    [سُورَةُ النَّمۡلِ: ٤٥]

    دقة عجيبة تفضي بك إلى غنى هذه اللغة الساحرة ...

    فالشيخ رحمه الله تعالى تطرق إلى ذكر رسالة صالح عليه السلام إلى قومه ثمود على خلاف ترتيب ذكر الرسل عليهم السلام وأقوامهم ، ثم ذكر في الآية محل عبرة ومحل تسلية ، عبرة لكفار قريش وتسلية للنبي عليه الصلاة والسلام ،،فأشار عبر البيان القرآني بتقديم الجار والمجرور وهو ( إلى ثمود) ، وأخر المفعول وهو ( أخاهم صالحا ) وعلل هذا بأن العبرة مقدمة على تسلية النبي عليه الصلاة والسلام .( إبداع وإعجاز وقل ماتشاء )

    الفرق بين وزع وأوزع ومعنى همزة الإزالة في العربية :

    ( وحشر لسليمان جنوده من الجن والإنس والطير فهم يوزعون)

    والوَزْعُ: الكَفُّ عَمّا لا يُرادُ، فَشَمَلَ الأمْرَ والنَّهْيَ، أيْ: فَهم يُؤْمَرُونَ فَيَأْتَمِرُونَ ويُنْهَوْنَ فَيَنْتَهُونَ فَقَدْ سَخَّرَ اللَّهُ لَهُ الرَّعِيَّةَ كُلَّها.

    ثم قال تعالى :

    ( فتبسم ضاحكا من قولها وقال رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي )

    وأوْزَعَ: مَزِيدٌ (وزَعَ) الَّذِي هو بِمَعْنى كَفَّ كَما تَقَدَّمَ آنِفًا، والهَمْزَةُ لِلْإزالَةِ، أيْ: أزالَ الوَزْعَ، أيِ: الكَفِّ. والمُرادُ أنَّهُ لَمْ يَتْرُكْ غَيْرَهُ كافًّا عَنْ عَمَلٍ وأرادُوا بِذَلِكَ الكِنايَةَ عَنْ ضِدِّ مَعْناهُ، أيْ: كِنايَةً عَنِ الحَثِّ عَلى العَمَلِ. وشاعَ هَذا الإطْلاقُ فَصارَ مَعْنى أوْزَعَ أغْرى بِالعَمَلِ. فالمَعْنى: وفِّقْنِي لِلشُّكْرِ.

    ابن عاشور رحمه الله تعالى.

    أمثلة على همزة الإزالة :

    أعجم الكتاب: أي أزال عجمته أو بمعنى قام بترجمته أو شرحه

    أصرخه : أي أزال صراخه بمعنى أنجده

    قال تعالى:

    إنَّ الَّذِينَ جاءُوا بِالإفْكِ عُصْبَةٌ مِنكم

    والإفْكُ: اسْمٌ يَدُلُّ عَلى كَذِبٍ لا شُبْهَةَ فِيهِ فَهو بُهْتانٌ يَفْجَأُ النّاسَ. وهو مُشْتَقٌّ مِنَ الأفْكِ بِفَتْحِ الهَمْزَةِ وهو قَلْبُ الشَّيْءِ، ومِنهُ سُمِّيَ أهْلُ سَدُومَ وعَمُّورَةَ وأُدَمَةَ وصَبُويِيمَ قُرى قَوْمِ لُوطٍ أصْحابَ المُؤْتَفِكَةِ؛ لِأنَّ قُراهُمُ ائْتَفَكَتْ، أيْ: قُلِبَتْ وخُسِفَ بِها فَصارَ أعْلاها أسْفَلَها فَكانَ الإخْبارُ عَنِ الشَّيْءِ بِخِلافِ حالَتِهِ الواقِعِيَّةِ قَلْبًا لَهُ عَنْ حَقِيقَتِهِ فَسُمِّيَ إفْكًا.

    ابن عاشور رحمه الله تعالى.

    كم تعجبني هذه التوقيعات الرشيقة لابن عاشور رحمه الله كهذا التنبيه على قوله تعالى ( هو الذي خلقكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم يخرجكم طفلا )

    وهَذا الِامْتِنانُ بِنِعْمَةِ الإيجادِ وهو نِعْمَةٌ لِأنَّ المَوْجُودَ شَرَفٌ والمَعْدُومَ لا عِنايَةَ بِهِ.

    وأُدْمِجَ فِيهِ الِاسْتِدْلالُ عَلى الإبْداعِ.

    ...............

    ومعنى إدماج الاستدلال في الامتنان ..أن الآية تجمع بين الدلالة على بديع صنع الله تعالى وعظيم النعمة على الإنسان بالإيجاد ( الذي خلقك فسواك فعدلك في أي صورة ما شاء ركبك ) والمقصد الأول للآية الامتنان وطيها الاستدلال . وما أردت التنبيه إليه هو تعليل الشيخ للإيجاد والخلق بأنه نعمة بقوله الموجود شرف والمعدوم لا عناية به .

    يقول الإمام الشافعي ، ورقة التوت دليل علي وحدانية الله؟ كيف ذلك؟

    لأنها تأكلها الدودة تخرجها حرير

    تأكلها النحلة تخرجها عسل

    تأكلها الغزالة تخرجها مسك

    يأكلها الغنم يخرجها لبن

    سبحانه وتعالى ...ولكن تأمل عظمة التعبير القرآني عن قريب من المعنى الذي أشار إليه الشافعي ولكنه في النبات ( { وَفِی ٱلۡأَرۡضِ قِطَعࣱ مُّتَجَـٰوِرَ ٰ⁠تࣱ وَجَنَّـٰتࣱ مِّنۡ أَعۡنَـٰبࣲ وَزَرۡعࣱ وَنَخِیلࣱ صِنۡوَانࣱ وَغَیۡرُ صِنۡوَانࣲ یُسۡقَىٰ بِمَاۤءࣲ وَ ٰ⁠حِدࣲ وَنُفَضِّلُ بَعۡضَهَا عَلَىٰ بَعۡضࣲ فِی ٱلۡأُكُلِۚ }

    [سُورَةُ الرَّعۡدِ: ٤

    ( ونفضل بعضها على بعض في الأكل ) هذا كلام ملك خالق مبدع خلق الكون وأبدعه ...بلسان العظمة أشار إلى سنة عامة تلحظها في كل شيء وهي سنة التفضيل فالجنة درجات والنار دركات وكل شيء في هذه الدنيا تجد منه أنواعا و سلالات من الخيل والحيوان إلى البشر ...هكذا درجة أولى وثانية وهكذا ...والتعبير في الآية عن اختلاف وتفاضل طعوم ما أصله واحد وهو الماء والتراب ب( نفضل ) ...يجعل العربي يشهد بكل يسر ويقين أن منزل القرآن هو الله جل في علاه ...

    قال تعالى:

    { وَنُوحًا إِذۡ نَادَىٰ مِن قَبۡلُ فَٱسۡتَجَبۡنَا لَهُۥ فَنَجَّیۡنَـٰهُ وَأَهۡلَهُۥ مِنَ ٱلۡكَرۡبِ ٱلۡعَظِیمِ (٧٦) وَنَصَرۡنَـٰهُ مِنَ ٱلۡقَوۡمِ ٱلَّذِینَ كَذَّبُوا۟ بِـَٔایَـٰتِنَاۤۚ إِنَّهُمۡ كَانُوا۟ قَوۡمَ سَوۡءࣲ فَأَغۡرَقۡنَـٰهُمۡ أَجۡمَعِینَ (٧٧) }

    [سُورَةُ الأَنبِيَاءِ: ٧٦-٧٧]

    .....................

    براعة وفصاحة الشيخ تجعلك تعيش وتتذوق تلك اللحظات المرعبة التي هي أشد ألما من الغرق نفسه .

    قال ابن عاشور رحمه الله تعالى:

    والكَرْبُ العَظِيمُ: هو الطُّوفانُ. والكَرْبُ: شِدَّةُ حُزْنِ النَّفْسِ بِسَبَبِ خَوْفٍ أوْ حُزْنٍ.

    ووَجْهُ كَوْنِ الطُّوفانِ كَرْبًا عَظِيمًا أنَّهُ يَهُولُ النّاسَ عِنْدَ ابْتِدائِهِ وعِنْدَ مَدِّهِ ولا يَزالُ لاحِقًا بِمَواقِعِ هُرُوبِهِمْ حَتّى يَعُمَّهم فَيَبْقَوْا زَمَنًا يَذُوقُونَ آلامَ الخَوْفِ فالغَرَقَ وهم يَغْرَقُونَ ويَطْفُونَ حَتّى يَمُوتُوا بِانْحِباسِ التَّنَفُّسِ؛ وفي ذَلِكَ كُلِّهِ كَرْبٌ مُتَكَرِّرٌ، فَلِذَلِكَ وُصِفَ بِالعَظِيمِ.

    .

    في العام 1949م عيَّنَ رئيس الوزراء اللبناني رياض الصلح بهيج تقي الدين وزيراً للزراعة، كانت هذه هي المرة الأولى التي يستلم فيها بهيج تقي الدين حقيبة وزارية، في تلك الليلة كتب الأديب سعيد تقي الدين، رسالةً إلى أخيه الوزير يقول فيها:

    أخي بهيج، أمدَّ اللهُ في عمركَ ، علمتُ أنك أصبحتَ وزيراً وهذا شرف كبير لعائلتنا، لكني أحبُّ أن أُذكرِّك بأننا عندما كنا صغاراً، كنا نتسابق للنوم في فراش أبينا رحمه الله، ولا شكَّ أنك تذكر كيف كان يشمُّ أيدينا، ليتأكد أنها نظيفة وأننا غسلناها بعد الطعام، كي يسمح لنا بالنوم معه،

    والآن يرقدُ أبونا في قبره تحت السنديانة، ولا شكَّ أننا سنرقدُ معه بعد مدة، فاحرِصْ يا أخي أن تكون يدك نظيفة حين ترقدُ معه!

    (وهذا ذكر مبارك أنزلناه أفأنتم له منكرون)..الأنبياء

    ووَصْفُ القُرْآنِ بِالمُبارَكِ يَعُمُّ نَواحِيَ الخَيْرِ كُلَّها لِأنَّ البَرَكَةَ زِيادَةُ الخَيْرِ؛ فالقُرْآنُ كُلُّهُ خَيْرٌ مِن جِهَةِ بَلاغَةِ ألْفاظِهِ وحُسْنِها وسُرْعَةِ حِفْظِهِ وسُهُولَةِ تِلاوَتِهِ، وهو أيْضًا خَيْرٌ لِما اشْتَمَلَ عَلَيْهِ مِن أفْنانِ الكَلامِ والحِكْمَةِ والشَّرِيعَةِ واللَّطائِفِ البَلاغِيَّةِ، وهو في ذَلِكَ كُلِّهِ آيَةٌ عَلى صِدْقِ الَّذِي جاءَ بِهِ لِأنَّ البَشَرَ عَجَزُوا عَنِ الإتْيانِ بِمِثْلِهِ وتَحَدّاهُمُ النَّبِيءُ ﷺ بِذَلِكَ فَما اسْتَطاعُوا، وبِذَلِكَ اهْتَدَتْ بِهِ أُمَمٌ كَثِيرَةٌ في جَمِيعِ الأزْمانِ، وانْتَفَعَ بِهِ مَن آمَنُوا بِهِ وفَرِيقٌ مِمَّنْ حُرِمُوا الإيمانَ. فَكانَ وصْفُهُ بِأنَّهُ مُبارَكٌ وافِيًا عَلى وصْفِ كِتابِ مُوسى - عَلَيْهِ السَّلامُ - بِأنَّهُ فُرْقانٌ وضِياءٌ. وزادَهُ تَشْرِيفًا بِإسْنادِ إنْزالِهِ إلى ضَمِيرِ الجَلالَةِ. وجُعِلَ الوَحْيُ إلى الرَّسُولِ إنْزالًا لِما يَقْتَضِيهِ الإنْزالُ مِن رِفْعَةِ القَدْرِ إذِ اعْتُبِرَ مُسْتَقِرًّا في العالَمِ العُلْوِيِّ حَتّى أُنْزِلَ إلى هَذا العالَمِ.

    وفُرِّعَ عَلى هَذِهِ الأوْصافِ العَظِيمَةِ اسْتِفْهامٌ تَوْبِيخِيٌّ تَعْجِيبِيٌّ مِن إنْكارِهِمْ صِدْقَ هَذا الكِتابِ ومِنِ اسْتِمْرارِهِمْ عَلى ذَلِكَ الإنْكارِ بِقَوْلِهِ تَعالى ﴿أفَأنْتُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ﴾ . ولِكَوْنِ إنْكارِهِمْ صِدْقَهُ حاصِلًا مِنهم في حالِ الخِطابِ جِيءَ بِالجُمْلَةِ الِاسْمِيَّةِ لِيَتَأتّى جَعْلُ المُسْنَدِ اسْمًا دالًّا عَلى الِاتِّصافِ في زَمَنِ الحالِ وجَعْلُ الجُمْلَةِ دالَّةً عَلى الثَّباتِ في الوَصْفِ وفاءً بِحَقِّ بَلاغَةِ النَّظْمِ.

    .....................

    ( كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته )..سورة ص

    والمُبارَكُ: المُنْبَثَّةُ فِيهِ البَرَكَةُ وهي الخَيْرُ الكَثِيرُ، وكُلُّ آياتِ القُرْآنِ مُبارَكٌ فِيها لِأنَّها: إمّا مُرْشِدَةٌ إلى خَيْرٍ، وإمّا صارِفَةٌ عَنْ شَرٍّ وفَسادٍ، وذَلِكَ سَبَبُ الخَيْرِ في العاجِلِ والآجِلِ ولا بَرَكَةَ أعْظَمُ مِن ذَلِكَ.

    (ابن عاشور رحمه الله تعالى).

    في قوله تعالى ( والكتاب المبين ..إنا جعلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون )..الزخرف.

    وفِي جَعْلِ المُقْسَمِ بِهِ القُرْآنَ بِوَصْفِ كَوْنِهِ مُبِينًا، وجَعْلِ جَوابِ القَسَمِ أنَّ اللَّهَ جَعَلَهُ مُبِينًا، تَنْوِيهٌ خاصٌّ بِالقُرْآنِ إذْ جَعَلَ المُقْسَمَ بِهِ هو المُقَسَمَ عَلَيْهِ، وهَذا ضَرْبٌ عَزِيزٌ بَدِيعٌ لِأنَّهُ يُومِئُ إلى أنَّ المُقْسَمَ عَلى شَأْنِهِ بَلَغَ غايَةَ الشَّرَفِ فَإذا أرادَ المُقْسِمُ أنْ يُقْسِمَ عَلى ثُبُوتِ شَرَفٍ لَهُ لَمْ يَجِدْ ما هو أوْلى بِالقَسَمِ بِهِ لِلتَّناسُبِ بَيْنَ القَسَمِ والمُقْسَمِ عَلَيْهِ. وجَعَلَ صاحِبُ الكَشّافِ مِن قَبِيلِهِ قَوْلَ أبِي تَمّامٍ:

    ؎وثَناياكِ إنَّهَـا إغْـرِيضُ.... ولَآلٍ تُؤْمٌ وبَرْقٌ ومِيضُ

    إذْ قَدَّرَ الزَّمَخْشَرِيُّ جُمْلَةَ إنَّها إغْرِيضُ جَوابَ القَسَمِ.

    شرح ألفاظ البيت :

    ثناياك ..الأسنان الأربعة في مقدم الفم ثنتان من فوق وثنتان من أسفل.

    إغريض... : ما ينشقُّ عنه الطَّلعُ من الحبيبات البيض. الإِغْرِيضُ البَرَدُ. الإِغْرِيضُ كلُّ أَبيضَ طريّ. والجمع : أَغاريضُ.

    لآل....جمع لؤلؤة

    تؤم.....بالهمز جمع تؤام وهو المولود مع غيره في بطن واحد ، وتوم بغير همز جمع تومة وهي اللؤلؤة البيضاء الكبيرة

    ....... ..............

    وهذه أبيات أبوتمام نقلتها لجودتها:

    وَثَناياكِ إِنَّها إِغريضُ

    وَلِآلٍ تومٌ وَبَرقٌ وَميضُ

    وَأَقاحٍ مُنَوَّرٌ في بِطاحٍ هَزَّه

    في الصَباحِ رَوضٌ أَريضُ

    وَاِرتِكاضِ الكَرى بِعَينَيكِ في

    النَومِ فُنوناً وَما لِعَينَي غُموضُ

    لَتَكاءَدنَني غِمارٌ مِنَ الأَحداثِ....

    لَم أَدرِ أَيَّهُنَّ أَخوضُ

    أَتأَرَتنِيَ الأَيّامُ بِالنَظَرِ الشَزرِ

    وَكانَت وَطَرفُها لي غَضيضُ

    أعجبتني

    وضعت السكر في القهوة ونسيت أن أحركها وشربت منها شربة فكان طعمهامر،

    ولكن مرارة القهوة لا تعني عدم وجود السكر فيها..!

    لأنه بمجرد تحريك القهوة ستظهر حلاوتها فالسكر موجود ولكنه يحتاج من يحركه.

    كذلك الخير والحب موجود في نفوس الناس ولكنه يحتاج من يحركه

    حركوا الخير والحب في نفوسكم ونفوس من تحبون

    ستشعرون بحلاوة طعم حياتكم وتكتشفون الخير في شخصياتهم.

    ما أنبل قطعة السكر...!

    أعطت الشاي ما لديها ثم اختفت

    هكذا المعروف!

    كن كقطعة السكر حتى وان اختفت تركت أثرا جميلا...

    فالبصمة الجميلة تبقى حتى وإن غاب صاحبها

    *كونوا انتم سكر الحياه مع من تحبون*

    حياكم الله

    افتقد الأستاذ الجامعي طالبه العبقري في مرحلة الدكتوراة،

    فقرر أن يذهب إلى بيته ليزوره فقد اعتقد أنه مريض،

    وأنه ليس غير المرض قد منعه عن الحضور إلى الجامعة!

    وعندما وصل إلى بيت طالبه،

    وجد أن البيت كله عبارة عن غرفة واحدة متصدعة،

    وأن الطالب فقير جداً بشكل لم يكن يتصوره،

    وبعد أن قدَّم الطالب كوب الشاي لأستاذه،

    قال له الأستاذ: لماذا لم تعد تحضر إلى الجامعة؟

    فقال له الطالب : العلمُ لا يشتري باقة فجل!

    دُهش الأستاذ من كلام تلميذه،

    وقبل أن يسأله عن سبب قوله هذا،

    سارع الطالب وقال:

    يا أستاذي العزيز لقد شعرتُ بالجوع منذ أسبوع،

    ولم يكن معي إلا فلساً ونصف،

    اشتريتُ رغيفاً بفلس من الفرن،

    وتوجهتُ إلى بائع الخضار أريد أن أشتري فجلاً بنصف الفلس المتبقي،

    فقال لي: باقة الفجل بفلس!

    فقلتُ له: بامكاني أن أُعلمكَ مسألةً في النحو أو أروي لكَ قصةً في الأدب،

    مقابل أن تبيعني باقة الفجل بنصف فلس!

    فقال لي ساخراً: علمكَ لا يشتري الفجل!

    فعلمتُ أنه على حق،

    وقررتُ أن أترك الدراسة،

    وأحصل على عمل يمكنني من شراء الخبز والفجل!

    لم يُعلق الأستاذ على كلام طالبه،

    وإنما أعطاه خاتماً ذهبياً، وقال له: بِعْ هذا لي!

    وتعالَ غداً إلى الجامعة وسنتحدث، وقام وانصرف!

    وبالفعل في اليوم التالي جاء الطالب ومعه ثمن الخاتم،

    فقال له الأستاذ: هذا سعر ممتاز أين بعتَ الخاتم؟!

    فقال له: لقد بعته في سوق الصاغة.

    فقال له الأستاذ: ولِمَ لمْ تبعه لبائع الفجل؟!

    فقال له: بائع الفجل لا يعرف قيمة الذهب!

    فقال له الأستاذ: وكذلك هو لا يعرف قيمة العِلم!

    المشكلة يا عزيزي ليس أنَّ علمكَ ليس له قيمة،

    وإنما قد بذلته لمن لا يُقدِّره!

    يا صاحبي،

    قصة الطالب وبائع الفجل تتكرر كثيراً،

    أحياناً لا نلقى صدىً لما نفعله،

    ليس لأن الذي نفعله لا قيمة له،

    بل لأننا نفعله مع من لا يُقدِّره!

    إذا قدمتَ الحُبَّ ولم تجنِ إلا الشوك،

    فهذا لا يعني أن الحُب ليس له قيمة،

    وإنما يعني أنك قدمته إلى الشخص الخطأ!

    وإذا صنعتَ معروفاً مع إنسانٍ وقابله بالإساءة،

    فهذا لا يعني أن المعروف لا يُثمرآ في الناس،

    وإنما يعني أن بعض الناس فقط ليسوا أهلاً للمعروف!

    { یَتَخَـٰفَتُونَ بَیۡنَهُمۡ إِن لَّبِثۡتُمۡ إِلَّا عَشۡرࣰا (١٠٣) نَّحۡنُ أَعۡلَمُ بِمَا یَقُولُونَ إِذۡ یَقُولُ أَمۡثَلُهُمۡ طَرِیقَةً إِن لَّبِثۡتُمۡ إِلَّا یَوۡمࣰا (١٠٤) }

    [سُورَةُ طه: ١٠٣-١٠٤]

    ولَمْ يَأْتِ المُفَسِّرُونَ في مَعْنى وصْفِ القائِلِ: ﴿إنْ لَبِثْتُمْ إلّا يَوْمًا﴾ بِأنَّهُ أمْثَلُ طَرِيقَةٍ بِوَجْهٍ تَطْمَئِنُّ لَهُ النَّفْسُ؛ والَّذِي أراهُ: أنَّهُ يَحْتَمِلُ الحَقِيقَةَ والمَجازَ؛ فَإنْ سَلَكْنا بِهِ مَسْلَكَ الحَمْلِ عَلى الحَقِيقَةِ كانَ المَعْنى أنَّهُ أقْرَبُهم إلى اخْتِلاقِ الأعْذارِ عَنْ خَطَئِهِمْ في إنْكارِهِمُ البَعْثَ بَعْدَ طُولِ المُكْثِ في الأرْضِ طُولًا تَتَلاشى فِيهِ أجْزاءُ الأجْسامِ، فَلَمّا وجَدُوا أجْسادَهم كامِلَةً مِثْلَ ما كانُوا في الدُّنْيا قالَ بَعْضُهم: ﴿إنْ لَبِثْتُمْ إلّا عَشْرًا﴾ . فَكانَ ذَلِكَ القَوْلُ عُذْرًا؛ لِأنَّ عَشْرَ اللَّيالِيَ تَتَغَيَّرُ في مِثْلِها الأجْسامُ. فَكانَ الَّذِي قالَ: ﴿إنْ لَبِثْتُمْ إلّا يَوْمًا﴾ أقْرَبَ إلى رَواجِ الِاعْتِذارِ. فالمُرادُ: أنَّهُ الأمْثَلُ مِن بَيْنِهِمْ في المَعاذِيرِ، ولَيْسَ المُرادُ أنَّهُ مُصِيبٌ. وإنْ سَلَكْنا بِهِ مَسْلَكَ المَجازِ فَهو تَهَكُّمٌ بِالقائِلِ في سُوءِ تَقْدِيرِهِ مِن لَبْثِهِمْ في القُبُورِ، فَلَمّا كانَ كِلا التَّقْدِيرَيْنِ مُتَوَغِّلًا في الغَلَطِ، مُؤْذِنًا بِجَهْلِ المُقَدِّرِينَ واسْتِبْهام الأمْرِ عَلَيْهِمْ، دالًّا عَلى الجَهْلِ بِعَظِيمِ قُدْرَةِ اللَّهِ تَعالى الَّذِي قَضّى الأزْمانَ الطَّوِيلَةَ والأُمَمَ العَظِيمَةَ وأعادَهم بَعْدَ القُرُونِ الغابِرَةِ - فَكانَ الَّذِي قدَّرَ زَمَنَ المُكْثِ في القُبُورِ بِأقَلِّ قَدْرٍ أوْغَلَ في الغَلَطِ، فَعُبِّرَ عَنْهُ بِـ ”أمْثَلُهم طَرِيقَةً“ تَهَكُّمًا بِهِ وبِهِمْ مَعًا، إذِ اسْتَوى الجَمِيعُ في الخَطَأِ.( التحرير والتنوير )

    لم أفهم ما المقصود بالالتفات..؟؟؟؟..... لو تكرمت....

    صباحك مبارك وسعيد ....الالتفات هو فن من فنون البلاغة ومعناه من معنى لفظه الالتفات أي أن المتكلم ينتقل من أسلوب إلى آخر لغرض ونكتة بلاغية فهو مثلا في سورة الفاتحة تجد الأسلوب في الآيات الثلاث الأُول يستعمل ضمير الغائب في الكلام عن الله تعالى ...الحمد لله رب العالمين ...الرحمان الرحيم ...فأنت تتحدث الآن عن الله تعالى بضمير الغائب (هو ) وفجأة يتغير الأسلوب وينتقل إلى ضمير المخاطب عند قوله تعالى ( إياك نعبد وإياك نستعين ) فهنا وقع التفات من أسلوب الغائب إلى الخطاب ...و يشير هذا الالتفات إلى أن القاريء قدم ما يناسب خطاب ملك الملوك على سنة العرب في مخاطبة الملوك من الحمد والثناء والتمجيد فتدرج من هذا إلى التأهل للخطاب المباشر فقال ( إياك نعبد وأياك نستعين ) فكأنه ذكر الخالق بصفاته واستغرق فيها حتى وجد نفسه بحضرته سبحانه وأيضا تمهيدا للسؤال والدعاء الذي يناسبه الخطاب ...ويكون الالتفات بالعكس من الخطاب إلى الغيبة ومثال ذلك قوله تعالى ( هو الذي يسيركم في البر والبحر حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم بريح طيبة فرحوا بها وجاءتها ريح عاصف وجاءهم الموج من كل مكان ) ...فبداية الآية خطاب لجميع الناس وفيه امتنان عليهم بنعمة عظيمة فلما أراد أن ينتقل بالحديث إلى فريق مخصوص من الناس وهم المشركون فانتقل من الخطاب إلى الغائب عند قوله تعالى ( وجرين بهم ) والأصل أن يقول وجرت بكم ...والنكتة هنا أن الحديث عندما تمحض عن الفريق المشرك أفاد الانتقال إلى الغيبة الإشارة إلى عدم استحقاق مخاطبتهم مباشرة وإلى إهمالهم والإشارة إلى عدم الرضى وإلى إهمالهم ....والالتفات ينوع الأسلوب فيدفع السآمة والملل عن السامع ... وفقنا الله وإياكم

    { إِذۡ رَءَا نَارࣰا فَقَالَ لِأَهۡلِهِ ٱمۡكُثُوۤا۟ إِنِّیۤ ءَانَسۡتُ نَارࣰا لَّعَلِّیۤ ءَاتِیكُم مِّنۡهَا بِقَبَسٍ أَوۡ أَجِدُ عَلَى ٱلنَّارِ هُدࣰى }

    [سُورَةُ طه: ١٠]

    أرادَ بِالهُدى صاحِبَ الهُدى.

    وقَدْ أجْرى اللَّهُ عَلى لِسانِ مُوسى مَعْنى هَذِهِ الكَلِمَةِ إلْهامًا إيّاهُ أنَّهُ سَيَجِدُ عِنْدَ تِلْكَ النّارِ هُدًى عَظِيمًا، ويُبَلِّغُ قَوْمَهُ مِنهُ ما فِيهِ نَفْعُهم.

    وإظْهارُ النّارِ لِمُوسى رَمْزٌ رَبّانِيٌّ لَطِيفٌ؛ إذْ جَعَلَ اجْتِلابَهُ لِتَلَقِّي الوَحْيِ بِاسْتِدْعاءٍ بِنُورٍ في ظُلْمَةٍ رَمْزًا عَلى أنَّهُ سَيَتَلَقّى ما بِهِ إنارَةُ ناسٍ بِدِينٍ صَحِيحٍ بَعْدَ ظُلْمَةِ الضَّلالِ وسُوءِ الِاعْتِقادِ

    ( التحرير والتنوير) على مؤلفه الرحمات والخيرات والبركات

    ﴿وقالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ ولَدًا﴾ ﴿لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إدًّا﴾...شيئا إدا أي عظيما

    وهذا التفات بلغ الغاية من الحسن والتعبير عن معان سكت عنها اللسان ويقصر دونها البيان وهو التفات من ضمير الغائب إلى الخطاب ....قال فيه ابن عاشور : ...

    والخِطابُ في (﴿لَقَدْ جِئْتُمْ﴾) لِلَّذِينِ قالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ ولَدًا، فَهو التِفاتٌ لِقَصْدِ إبْلاغِهِمُ التَّوْبِيخَ عَلى وجْهٍ شَدِيدِ الصَّراحَةِ لا يَلْتَبِسُ فِيهِ المُرادُ.

    ............

    ولتتذوق روعة هذا الالتفات تمثل حالة المعتقدين لهذا الاعتقاد الفاسد وقد عاشوا به مطمئنين حينا من عمرهم لا يرون الحق غيره فتأمل حالهم وشعورهم والآيات تطرق سمعهم كيف يهزهم هذا الالتفات ويفجؤهم ويقع على رءوسهم وقوع الصاعقة ...فكيف إذا تتابعت الآيات وكلها لفتات وإعجاز وبيان وحقائق وبراهين ..لهذا هم يقولون إنه سحر لأنه يفعل بهم شيئا عجيبا .

    التحرير والتنوير لابن عاشور

    ﴿ولَوْ شاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكم أُمَّةً واحِدَةً ولَكِنْ يُضِلُّ مَن يَشاءُ ويَهْدِي مَن يَشاءُ ولَتُسْألُنَّ عَمّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾..النحل

    لَمّا أحالَ البَيانَ إلى يَوْمِ القِيامَةِ زادَهم إعْلامًا بِحِكْمَةِ هَذا التَّأْخِيرِ؛ فَأعْلَمَهم أنَّهُ قادِرٌ عَلى أنْ يُبَيِّنَ لَهُمُ الحَقَّ مِن هَذِهِ الدّارِ فَيَجْعَلُهم أُمَّةً واحِدَةً، ولَكِنَّهُ أضَلَّ مَن شاءَ، أيْ خَلَقَ فِيهِ داعِيَةَ الضَّلالِ، وهَدى مَن شاءَ، أيْ خَلَقَ فِيهِ داعِيَةَ الهُدى، وأحالَ الأمْرَ هُنا عَلى المَشِيئَةِ إجْمالًا؛ لِتَعَذُّرِ نَشْرِ مَطاوِي الحِكْمَةِ مِن ذَلِكَ.

    ومَرْجِعُها إلى مَشِيئَةِ اللَّهِ تَعالى أنْ يَخْلُقَ النّاسَ عَلى هَذا الِاخْتِلافِ النّاشِئِ عَنِ اخْتِلافِ أحْوالِ التَّفْكِيرِ، ومَراتِبِ المَدارِكِ والعُقُولِ، وذَلِكَ يَتَوَلَّدُ مِن تَطَوُّراتٍ عَظِيمَةٍ تَعْرِضُ لِلْإنْسانِ في تَناسُلِهِ وحَضارَتِهِ وغَيْرِ ذَلِكَ مِمّا أجْمَلَهُ قَوْلُهُ تَعالى ﴿لَقَدْ خَلَقْنا الإنْسانَ في أحْسَنِ تَقْوِيمٍ﴾ [التين: ٤] ﴿ثُمَّ رَدَدْناهُ أسْفَلَ سافِلِينَ﴾ [التين: ٥] ﴿إلّا الَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصّالِحاتِ فَلَهم أجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ﴾ [التين: ٦]، وهَذِهِ المَشِيئَةُ لا يَطَّلِعُ عَلى كُنْهِها إلّا اللَّهُ تَعالى، وتَظْهَرُ آثارُها في فِرْقَةِ المُهْتَدِينَ، وفِرْقَةِ الضّالِّينَ.

    ولَمّا كانَ قَوْلُهُ ﴿ولَكِنْ يُضِلُّ مَن يَشاءُ ويَهْدِي مَن يَشاءُ﴾ قَدْ يَغْتَرُّ بِهِ قِصارُ الأنْظارِ فَيَحْسَبُونَ أنَّ الضّالِّينَ والمُهْتَدِينَ سَواءٌ عِنْدَ اللَّهِ، وأنَّ الضّالِّينَ مَعْذُورُونَ في ضَلالِهِمْ إذْ كانَ مِن أثَرِ مَشِيئَةِ اللَّهِ فَعَقَّبَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ﴿ولَتُسْألُنَّ عَمّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ مُؤَكَّدًا بِتَأْكِيدَيْنِ كَما تَقَدَّمَ نَظِيرُهُ آنِفًا، أيْ عَمّا تَعْمَلُونَ مِن عَمَلِ ضَلالٍ أوْ عَمَلِ هُدًى.

    والسُّؤالُ: كِنايَةٌ عَنِ المُحاسَبَةِ؛ لِأنَّهُ سُؤالٌ حَكِيمٌ تَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الإنارَةَ، ولَيْسَ سُؤالَ اسْتِطْلاعٍ.

    ﴿وطَهِّرْ بَيْتِيَ للطائفين﴾ [الحج: ٢٦] . وفِيهِ إشارَةٌ إلى أنَّ مِن إكْرامِ الزّائِرِ تَنْظِيفَ المَنزِلِ وأنَّ ذَلِكَ يَكُونُ قَبْلَ نُزُولِ الزّائِرِ بِالمَكانِ.

    من أعجب نعيم الجنة أن ما نجد من شدة الفرح في الدنيا يأخذ بالتناقص شيئا فشيئا لاعتيادنا سبب الفرح يوما بعد يوم وشدة الفرح يعبر عنها ب( سوار الفرح ) أما في الجنة فشيء آخر ..

    وقال عبد الله بن المبارك: أخبرنا سليمان بن المغيرة، عن حميد بن هلال، قال: ذكر لنا أن الرجل اذا دخل الجنة، وصور صورة أهل الجنة، وألبس لباسهم، وحلى حليهم، وأري أزواجه وخدمه، يأخذه سوار فرح. ولو كان ينبغي أن يموت لمات من سوار فرحه، فيقال له: أرأيت سوار فرحتك هذه؟ فإنها قائمة لك أبداً " ..

    ﴿إنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصّالِحاتِ جَنّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِها الأنْهارُ يُحَلَّوْنَ فِيها مِن أساوِرَ مِن ذَهَبٍ ولُؤْلُؤًا ولِباسُهم فِيها حَرِيرٌ﴾ ﴿وهُدُوا إلى الطَّيِّبِ مِنَ القَوْلِ وهُدُوا إلى صِراطِ الحَمِيدِ﴾

    كانَ مُقْتَضى الظّاهِرِ أنْ يَكُونَ هَذا الكَلامُ مَعْطُوفًا بِالواوِ عَلى جُمْلَةِ ﴿فالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهم ثِيابٌ مِن نارٍ﴾ [الحج: ١٩]، لِأنَّهُ قَسِيمُ تِلْكَ الجُمْلَةِ في تَفْصِيلِ الإجْمالِ الَّذِي في قَوْلِهِ ﴿هَذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا في رَبِّهِمْ﴾ [الحج: ١٩] بِأنْ يُقالَ: والَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصّالِحاتِ يُدْخِلُهُمُ اللَّهُ جَنّاتٍ إلى آخِرِهِ. فَعُدِلَ عَنْ ذَلِكَ الأُسْلُوبِ إلى هَذا النَّظْمِ لِاسْتِرْعاءِ الأسْماعِ إلى هَذا الكَلامِ إذْ جاءَ مُبْتَدَأً بِهِ مُسْتَقِلًّا مُفْتَتَحًا بِحَرْفِ التَّأْكِيدِ ومُتَوَّجًا بِاسْمِ الجَلالَةِ، والبَلِيغُ لا تَفُوتُهُ مَعْرِفَةُ أنَّ هَذا الكَلامَ قَسِيمٌ لِلَّذِي قَبْلَهُ في تَفْصِيلِ إجْمالِ ﴿هَذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا في رَبِّهِمْ﴾ [الحج: ١٩] لِوَصْفِ حالِ المُؤْمِنِينَ المُقابِلِ لِحالِ الَّذِينَ كَفَرُوا في المَكانِ واللِّباسِ وخِطابِ الكَرامَةِ. فَقَوْلُهُ (يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا) إلَخْ مُقابِلٌ قَوْلَهُ ﴿كُلَّما أرادُوا أنْ يَخْرُجُوا مِنها مِن غَمٍّ أُعِيدُوا فِيها﴾ [الحج: ٢٢] . وقَوْلُهُ ﴿يُحَلَّوْنَ فِيها مِن أساوِرَ مِن ذَهَبٍ﴾ يُقابِلُ قَوْلَهُ ﴿يُصَبُّ مِن فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الحَمِيمُ﴾ [الحج: ١٩] . وقَوْلُهُ ﴿ولِباسُهم فِيها حَرِيرٌ﴾ مُقابِلٌ قَوْلَهُ ﴿قُطِّعَتْ لَهم ثِيابٌ مِن نارٍ﴾ [الحج: ١٩] . وقَوْلُهُ ﴿وهُدُوا إلى الطَّيِّبِ مِنَ القَوْلِ﴾ مُقابِلٌ قَوْلَهُ ﴿وذُوقُوا عَذابَ الحَرِيقِ﴾ [الحج: ٢٢] فَإنَّهُ مِنَ القَوْلِ النَّكِدِ.

    ............................

    سبحان الله العطف من التوابع لأن ما بعد العاطف يتبع ما قبله ولهذا عده النحاة من التوابع فكان سوق الخبر عن المؤمنين بهذا الأسلوب قطعا لاشتراك الفريقين وتساويهما ....من كل جهة ....

    ( يأتين من كل فج عميق) ...

    فَإسْنادُ الإتْيانِ إلى الرَّواحِلِ تَشْرِيفٌ لَها بِأنْ جَعَلَها مُشارَكَةً لِلْحَجِيجِ في الإتْيانِ إلى البَيْتِ.

    والفَجُّ: الشِّقُّ بَيْنَ جَبَلَيْنِ تَسِيرُ فِيهِ الرِّكابُ، فَغَلَبَ الفَجُّ عَلى الطَّرِيقِ لِأنَّ أكْثَرَ الطُّرُقِ المُؤَدِّيَةِ إلى مَكَّةَ تُسْلَكُ بَيْنَ الجِبالِ.

    والعَمِيقُ: البَعِيدُ إلى أسْفَلَ لِأنَّ العُمْقَ البُعْدُ في القَعْرِ، فَأُطْلِقَ عَلى البَعِيدِ مُطْلَقًا بِطَرِيقَةِ المَجازِ المُرْسَلِ، أوْ هو اسْتِعارَةٌ بِتَشْبِيهِ مَكَّةَ بِمَكانٍ مُرْتَفِعٍ والنّاسُ مُصَعِّدُونَ إلَيْهِ.

    ............................التحرير والتنوير

    والاستعارة بتشبيه مكة بمكان مرتفع كم فيه من عظمة وتعظيم وجلال وروعة ..